من منا يستطيع أن يقوم بالتحكم المعرفي؟
أي جزء من الدماغ مسؤول عن التحكم المعرفي؟
- لماذا يختلف التحكم المعرفي من شخص لأخر؟
- على ماذا يعتمد الدماغ في التحكّم المعرفي؟
- هل ستكون النتائج التي توصّل إليها بريفر وفريقه البحثي بداية واعدة لحقائق ثابتة عن آلية عمل النشاط الدماغي؟
أي جزء من الدماغ مسؤول عن التحكم المعرفي؟
هل تستطيع البدء بنشاط والالتزام به، من البداية حتى النهاية، متجاهلاً إغراءات الانترنت والأفكار الأخرى التي ترِد في خاطرك كأعمال غسيل ربّما عليك القيام بها؟ أو أيّ أمر آخر عليك القيام به في هذه اللحظة؟ إنّ التحكم المعرفي هو القدرة التي تسمح للأشخاص بوضع الخطط أو الأهداف، وإنجازها دون فقدان التركيز. تختلف قدرة الأفراد الأصّحاء بشكل كبير في استخدام التحكّم المعرفي، وهنالك رابط بين العديد من الاضطرابات النفسية العصبية ومشكلات التحكّم المعرفي.
اختلاف التحكّم المعرفي بين الأشخاص
لكن هناك الكثير من المعلومات التي ما زال يجهلها الباحثون: وهي تحديد كيف ولماذا يختلف التحكّم المعرفي بالضبط من شخص لآخر؟ وما هو الجزء المسؤول عنه في الدماغ؟ وكيف يرتبط نشاط الدماغ بسلوك الأشخاص؟
يعمل، تود بريفر، أستاذ العلوم النّفسية والدّماغية في كلية الآداب والعلوم، المتخصّص في الطّب الإشعاعي وعلم الأعصاب، في كليّة الطب في جامعة واشنطن في سانت لويس، للإجابة عن هذه الأسئلة. يعتقد هو وفريقه البحثي أنّهم طوّروا طريقة.بحث أكثر فعالية، ونشروا مؤخّراً ما يُبشّر بأن يكون.بداية للعديد من الأبحاث التي تدرس على ماذا يعتمد الدماغ في التحكّم المعرفي لدى كل من الأفراد والجماعات.
النتائج الأولية لبحث التحكّم المعرفي – مجلة علم الأعصاب المعرفي
وقد نشرت مجلة علم الأعصاب المعرفي، في عددها الصادر في 19 أغسطس الحالي النتائج الأولية لهذا البحث على الانترنت.
وفيما يتعلّق بالبحث في التحكّم المعرفي، فإنّ الدّراسة التقليدية تشمل النّظر في.كيفيّة تجاوب المتطوعين في التجارب المخبرية مع واحدة أو اثنتين من طرق الاختبار، ثمّ تُعمّم النتائج بعد ذلك.ويتم الاستناد إليها في دراسات أوسع يخوضها الباحثون.
“إننا نعلم ضمناً أنّ منهجنا هذا ليس مثالياً بالضرورة ” يضيف بريفر، ونعزو ذلك إلى أنّ التحكم المعرفي الضروري لأداء وظيفة واحدة في ظرف معيّن لا يمكن تعميمه على أداء وظائف من أنواع مختلفة وفي ظل ظروف غير مطابقة. “ولكننا نعتمد هذا الأسلوب البحثي لبساطته والذي يتبناه الباحثون عموماً للإجابة عن معظم المسائل البحثية المماثلة”.
وفي محاولة للحصول على نتائج أكثر قابلية للتعميم، أوجدَ بريفر نظام عمل بحثيّ، لا يعتمد على استخدام سلسلة متكاملة من الاختبارات المعرفية فقط، وإنّما يدرس النتائج ويقارنها ضمن بيئات مختلفة.
وأضاف بريفر:” إننا ننظر عبر مجموعة من الوظائف الدماغية، ونحاول من خلالها مراقبة كيفية تجاوب كل متطوّع عندما يتم تحفيزه باستخدام أوضاع تحكّم مختلفة (الاختبارات الأربعة) “. قام كل شخص بأداء أربع وظائف ضمن ثلاثة ظروف مختلفة مع قيام تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي برصدهم أثناء ذلك. إنّ مهمة جهاز الرنين المغناطيسي الوظيفي هي قياس تغيّرات تدفّق الدم في كامل الدماغ لتحديد أكثر المناطق التي تأثرت بالاختبارات.
اقرأ أيضاً : نظام التعليم … لماذا يركّز على معدّل الدرجات أكثر من تطوير واكتشاف الذّات؟
نظرية بريفر في تحليل الوظائف الدماغية
وجَدَ بريفر أنّ الاختلافات في التحكّم المعرفي تبدو اختلافات في درجة التأثير وليست اختلافات في نوع التأثير لأنّ معظم الأشخاص الثمانين الذين تطوّعوا في الاختبارات ظهرت لديهم أنماط سلوكية وعصبية إدراكية متشابهة ولكن بدرجات متفاوتة.
“لقد وجدنا اتّساقاً في استجابة المتطوعين لاختبارات الوظائف الأربع في مناطق الدماغ هذه” قال بريفر؛.“لكن المتطوعين تفاوتوا في درجة تأثرهم”. وكما توقّعنا، تكمن الأهمية في أنّ التغيّرات التي حدثت.في النشاط الدماغي قابلها تغيّرات في مستويات أداء المهمة المختبرية؛ حيث تباينَ المتطوّعون في طريقة تعاطيهم مع تحكمهم المعرفي. وبهذا، فإنّ ما تمّ التوصّل إليه يشير لفريق البحث إلى أنّ هذه النتائج أكثر قابلية للتعميم.
” هذا ما نريد التوصّل إليه” قال بريفر؛ “لأننا نعتقد أنّ الاستخدام الفعّال للتحكّم المعرفي يجب أن ينعكس بشكل إيجابي في تحسين أداء المتطوّع”.
اعتمد بريفر وفريقه البحثي على أربعة اختبارات قياسية في علم النفس العصبي وهي: اختبار ستروب الانفعالي، واختبار الأداء المستمر في المعالجة المعرفية AX-CPT، واختبار نموذج Cued-TS الذي يقوم على تبديل المهام، واختبار ستيرنبيرغ للعمليات المعرفية في الذاكرة قصيرة المدى.
شروط الاختبارات التي قام بها الفريق البحثي التابع لبريفر
أجريت الاختبارات الأربعة ضمن ثلاثة شروط من أوضاع التحكّم. أما الشرط الذي بدأ به الفريق البحثي الاختبار.مشابه للاختبار المفاجئ الذي يُجرى للطلاب.دون سابق إنذار؛ فلم يكن المتطوعون يعلمون متى ستظهر لديهم مطالب التحكم المعرفي.
و الشرط الثاني استباقي؛ فقد كان المتطوعون على دراية مُسبقاً بأنّ تحكّمهم المعرفي سيكون ضرورياً لأداء المهمة المختبرية، ويمكنهم الاستعداد وفقاً لذلك.
وأخيراً، الشرط التفاعلي حيث لم يكن.المتطوعون يعلمون مُسبقاً عن مطالب التحكّم المعرفي، لكن.الفريق أطلعهم بسرعة على أنواع معيّنة من تجارب الاختبار بواسطة نماذج معروضة أمامهم.
أضاف بريفر” إنّ الأمر يشبه رؤيتك إشارة توقّف مرورية، فأنتَ لا تعلم قبل أن ترى الإشارة أنك بحاجة للتوقّف، لكن حالما تكتشف اللون الأحمر أو الشكل الثماني للإشارة، تبدأ في التباطؤ”.
أظهر التصوير أنّ أدمغة المتطوعين كانت في حالات مختلفة في كل.من الظروف الثلاثة، ما يشير إلى ظهور اختلاف نوعي في الدماغ مع بدء إشراك التحكم المعرفي في الظروف المختلفة.
إنّ الأشخاص الذين تجاوبوا بشكل أفضل مع الوظائف الدماغية، ضمن.أيّ من الظروف الثلاثة، ظهرت لديهم أيضاً الخاصية الأكثر اتّساقاً في نشاط الدماغ. لكن بغض النّظر عن أداء المتطوعين في الاختبارات، فإنّ حالات الدماغ تتشابه في تجاوبها عندما تتعرض لأنماط أنشطة مشابهة.
اقرأ أيضاً : ألعاب تدريب الدماغ: هل تجدي نفعاً أم هي عبارة عن خدعة؟
أهمية التحكّم المعرفي: طموحات بريفر وفريق بحثه والتدريب عليه في حالة اليقظة الذهنية
يعتبر هذا البحث بداية لما يأمل بريفر أن يكون في المقام الأوّل فهماً ثابتاً لعمليات الدماغ السليم.
“لا أعتقد أنه من الذكاء البدء بدراسة الأشخاص سريرياً دون أن يتكوّن لدينا أوّلاً فهم لآلية.عمل التحكّم المعرفي في الأدمغة السليمة” وأضاف قائلاً؛ ” إنّنا نعلم أنّ التحكم المعرفي يكشف عن بعض الاختلافات الشاسعة حتى بين الأصّحاء، لذلك نحن بحاجة لتطوير مستوى الفهم الموجود لدى البالغين الأصحاء قبل أن نتوسّع في منهج البحث”.
ومع ذلك، يطمح بريفر وفريقه البحثي لتوسيع نطاق بحثهم في هذا المجال، مع نشرهم لبعض المعلومات المتوافرة لديهم في الوقت الراهن، ليتمكن الباحثون الآخرون الذين يعملون في مجالات ذات صلة من البدء في الاستناد إلى هذه المعلومات والبناء على أساسها. وركزت الدراسات الإضافية.المُقررة أكثر على فهم الأساس الجيني للتحكم المعرفي في التوائم المتطابقة؛ وما إذا كان.التدريب في حالة اليقظة الذهنية يمكن أن يُحسّن.وظيفة التحكم المعرفي؛ والعلاقة بينه وبين القلق.
“إنّنا نعتقد أنّ عملنا البحثي والمعلومات التي نشرناها تقدّم بالفعل منهجاً قيّماً للمجتمع العلمي”، قال بريفر. ” كما نأمل أن يتمكن فريقنا والباحثون الآخرون من البناء على أساس هذه الركيزة في بحوثهم، من أجل فهم أشمل لسبب أهمية التحكّم المعرفي، ولماذا هو متباين جداً بين الأشخاص أيضاً”.
الكاتب Brandie Jefferson
المصدر الرئيسي جامعة واشنطن في سانت لويس WUSTL