مظهر الوجه الموحّد جديد وغير مألوف.. صرنا نشبه الكائنات الفضائية، وجرّاحو التجميل يدقون ناقوس الخطر
جرّاحي التجميل يدقون ناقوس الخطر
مظهر الوجه الموحّد جديد وغير مألوف، لماذا أصبحنا نشبه الكائنات الفضائية؟
تحدّث جرّاحو التجميل والممرّضات في التدوينات الصوتية (البودكاست) وعلى وسائل التواصل الاجتماعية عن مظهر الوجه وعمليات التجميل وتأثيرات الإفراط بها التي حوّلت أشكال وجوهنا إلى مظهر غير مألوف متشابه، وتساءلوا: “ما هي معايير الجمال التي سنصدرها للأجيال القادمة؟”
“صناعتنا تتحول بسرعة إلى أرض خصبة للأمراض العقلية“، بهذه العبارة دق طبيب التجميل ستيفن هاريس ناقوس الخطر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليناقش مظهر الوجه الموحد، مؤكداً مبدأ “الأقل هو الأكثر” في استخدامه للبوتوكس والمواد المالئة، حيث نشر مالك عيادة هاريس للتجميل في لندن، والذي يزوره العملاء من هوليوود بانتظام، صورة لعصا من الديناميت بجانبها ساعة موقوتة وكتب عبارته تلك، متسائلاً عن ماهية المعايير الجمالية الملتوية التي يتم تقديمها للأجيال الشابة ومدى تأثيرها في أولئك الذين يعانون اضطرابات نفسية كاضطراب التشوه الجسمي.
وقال الدكتور هاريس في حديثه مع مجلة هوليوود ريبورتر: “لقد سلكت الأمور المسار الخاطئ في مجال الجماليات”، واصفاً استساغة التلاعب.بشكل الوجه وملامحه “بتطبيع الإجراءات المتطرفة”، بدءاً من تقنية الشفاه الروسية المثيرة للجدل باستخدام وفرة من المواد المالئة.في منتصف الشفاه وبحدود حادة وواضحة لشكل الفم بما يخلق مظهراً شبيهاً بالخيمة، مروراً بعظام الخدين البارزة،.ووصولاً إلى الحاجبين مرتفعي الأجنحة بشكل غير طبيعي.
مظهر الوجه الموحّد جديد وغير مألوف: أطلق عليه الأطباء اسم مظهر الغرباء
وتعد هذه الإطلالات الثلاث الأخيرة جزءاً من موضة (تريند) تجاوزت فلتر إنستجرام فايس – وهي عبارة عن سحنة خالية من التجاعيد والمسام لوجه متناسق للغاية – باتجاه ما يسميه بعض الأطباء “مظهر الغرباء” المتحول بصورة متطرفة عن الوجه الطبيعي. ولا يبتعد الشكل الناجم عن التعرض لتلك الإجراءات عن وجه أنجلينا جولي في فيلم ماليفيسنت بشكله الخارق للطبيعة، وبمعنى أدق تبدو الوجوه مشوهة الملامح نتيجة استخدام مواد حشو جلدية وتوكسين البوتولينوم، وكأنها لكائنات من الفضاء الخارجي. ويكتسح هذا النموذج وسائل التواصل الاجتماعي، ولا يغيب عن أذهاننا حشد من نجوم الواقع الذين بلغت وجوههم مستويات متزايدة من الزوايا، حسب تعبيرالدكتور هاريس.
اقرأ أيضاً : المضمضة بالزيت – وصفة جديدة لابتسامة ناصعة
تضخيم مناطق الوجه بإفراط ومفهوم ضرورة تكرار حقن البوتوكس
من جهته، يصف جراح تجميل الوجه في مدينة بيفرلي هيلز بكاليفورنيا بين تالي، المعروف بإجرائه عملية شد الوجه العميق “أورا ليفت”. ذات المظهرالطبيعي الممارسين الذين يؤدون هذا العمل المفرط “حد الشناعة” بذوي الخيال الجامح، مضيفاً: إن ما يفعلونه هو إنشاء تشريح جديد غير موجود، لينتهي الأمر بالمرضى وكأنهم نوع آخر.”
جراح التجميل جوليوس فيو من معهد فيو في شيكاغو يقول: “نعتمد في الجراحات.التي نجريها على الهيئة التي نبدو عليها، أما هدفنا فيكمن باستعادة هذه الهيئة وتحسينها ببراعة… وبالمقابل، ما يقوم به أصحاب هذه النظرة المتطرفة هو التلاعب بالوجه بشكل يتجاوز الحدود الطبيعية لمنطقة معينة، وهذا خطأ مطلق”. ويضيف فيو: “هناك اعتقاد بأن تضخيم مناطق الوجه بإفراط سيلعب دوراً في مقاومة الشيخوخة بطريقة أو بأخرى، وهذا خطأ”.
وبالنظر إلى أن العديد من الشخصيات البارزة ممن قاموا “بتغريب” وجوههم تمكنوا فعلاً من جمع ثروات هائلة بسبب مظهرهم، بدا الأمر بالنسبة إلى الناس وكأن التغيير الجذري للشكل سيعكس مظهر الثراء على وجوههم.
ويعزم الدكتور هاريس وغيره من المهنيين الطبيين زيادة الوعي بضرورة التركيز على التجديد الذي يحافظ على الأشكال الطبيعية.
معاودة صيانة الحقن تعتمد على فرضية أن المنتج يختفي في غضون ستة أشهر
ويعلق الدكتور تالي على مدى صحة الفكرة السائدة لدى العملاء عن ضرورة تكرار حقن البوتوكس والمواد المالئة (حقن الحشو التجميلية)من حين إلى آخر قائلاً: “المرضى مدربون بشكل غير صحيح على معاودة صيانة الحقن، ولكن ذلك مبني على فرضية أن المنتج يختفي في غضون ستة أشهر إلى عام، بينما في الواقع، يمكن لبعض الحقنات، بما في ذلك الحشو بالفيلر، أن تستمر لفترة أطول بكثير”.
بالإضافة إلى هاريس، يواظب كل من تالي والدكتورة كاي دوريراج، وهي جراحة تجميل الوجه في لوس أنجلوس، على نشر التحذيرات.عبر حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي للمساعدة في تثقيف المرضى عما يجب تجنبه في عيادات التجميل.
اقرأ أيضاً:
المضمضة بالزيت – فوائدها وكيفية تطبيقها في المنزل للحصول على ابتسامة ناصعة
اعتماد الطبيعة كمرجعية للعمل: المفتاح يكمن في احترام وفهم علم التشريح
يؤكد هاريس أهمية اعتماد الطبيعة كمرجعية للعمل بشكل كلي، قائلاً: “المفتاح يكمن في احترام وفهم علم التشريح.وتطوير فطنتنا الفنية باستمرار،” في حين تؤكد الدكتورة دوريراج أن المعالجات متعددة الأساليب.تحتاج أيضاً إلى النظر فيها وبطريقة استخدامها، موضحة أنه بمجرد بلوغ عمر معين، فإن اللجوء إلى محفزات.إنتاج الكولاجين مثل سكالبترا (وهو الحشو بحمض بولي لاكتيد المساعد على تحفيز إنتاج الكولاجين).يصبح ضرورياً جنباً إلى جنب مع التقشير والإبر الدقيقة والترددات الراديوية، وخاصة عند المرضى الذين يعانون فقدان كثافة العظام”.
وبحسب دوريراج لا يمكن للشخص أن يبدو طبيعيًا بمجرد استخدام حشو الجل في الوجه، وخاصةً عندما يبلغ الخمسينيات من عمره، “لذلك نحتاج إلى بناء إطار الوجه باستخدام المحفزات الحيوية لتجنب مظهر الوجه الغريب.” وتعتقد الطبيبة أن مظهر الوجوه المغرّبة عن الطبيعة سيؤدي قريباً إلى تجدد الرغبة في الخضوع لتشطيبات المبضع.”كان للمعالجة بالحقن الصدارة على مدى السنوات الخمس إلى العشر الماضية، ولكن إذا أجريت الجراحة بحكمة وفي الوقت المناسب، يمكن أن تعطي نتائج أكثر طبيعية” معبرة عن اعتقادها أن المستقبل القريب سيشهد عودة مبضع الجراحة وبقوة.
الأمر لا يتعلق بالعلاجات الدقيقة، فتلك مجرد حيلة تسويقية
وتعتبر ليزا جودمان، مساعدة طبيب ومالكة مركز تجميل “غوود سكين” لمكافحة التقدم في السن بلوس أنجلوس ونيويورك، أن الأسلوب الأوروبي في العلاج هو الأفضل، فبعد سنوات من تلقيها التدريب في لوس أنجلوس، علمت أن ثمة نقصاً ما في الأسلوب المتبع هناك عليها تداركه، فعزمت على توسيع فنها بتلقيها تدريباً أوروبياً.
وتوضح جولدمان أن “الأمرلا يتعلق بالعلاجات الدقيقة فتلك مجرد حيلة تسويقية “. وتضيف: “يتلقى عملاؤنا الكثير من الأسئلة عن سبب عدم تقدمهم في السن، الحقيقة أن فننا يتمحور حول مساعدة الأشخاص على الظهور بأفضل نسخة من أنفسهم – نسخة أكثر صحة وراحة”.
أنظمة توفر للمريض الرؤية الأكثر واقعية لما سيبدو عليه بعد الإجراء
إلى ذلك ترى جولدمان أن الأمر يتضمن تشخيصات دقيقة عبر صور مأخوذة في استوديو مركزغوود سكين.المجهز بنظام تصوير فيكترا إم ثري ثلاثي الأبعاد، وذلك للمساعدة في.الوصول إلى شكل النتائج التي ستنجم عن الإجراء العلاجي المزمع اتخاذه.
وتضيف جولدمان: إن مركزها يقوم أيضاً بالتقاط صور ما قبل الإجراء باستخدام.كاميرا كانون فايف دي المجهزة بعدسة “الحياة الحقيقية” التي تحاكي الضوء الطبيعي. “توفر هذه الأنظمة للمريض الرؤية الأكثر واقعية لما سيبدو عليه بعد الإجراء، وذلك سيساعده على اتخاذه للقرار المناسب”.
وتساهم الموجات فوق الصوتية وغيرها من التقنيات المتقدمة الجديدة في الوصول.إلى الإجراء العلاجي المرجو، وحول هذه النقطة يقول الدكتورهاريس: “هذا يسمح لنا بمشاهدة الهياكل الداخلية.للوجه مثل الأوعية الدموية والأنسجة أثناء العلاج الفعلي عن طريق الحقن، ما يجعل ممارستنا أكثر أماناً للمريض وبفاعلية أعلى”. بمعنى آخر: إن لم يقم الشخص الذي يوشك على حقن وجهك بجمع التشخيص الشامل في المقام الأول، اهرب بعيداً وبسرعة البرق.
اقرأ أيضاً : علاج السُمنة، وتطوير أدويتها هدفٌ رئيس لأحدث الاكتشافات الجينية
مظهر الوجه والشباب وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي
من وجهة نظر نفسية، يوضح الدكتور دون جودمان، اختصاصي علم النفس الإكلينيكي أن وسائل التواصل الاجتماعي.تعمل على تضخيم المشاكل، مضيفاً: “نحن نعيش في ثقافة.يبحث فيها العديد من الأفراد عن شيء ما، سواء كان ذلك بسبب الشهرة أو المال.أو الرضى الفوري أو تعزيز احترام الذات أو أي شيء آخر، وأولئك يقعون ضحية الاعتقاد أن الحل يكمن بتغيير مظهرهم.” ويشير طبيب الأسنان التجميلي الدكتور مايكل آبا من مركز آبا للجمال، الذي يقدم خدماته لعمالقة هذه الصناعة.في مكاتبه في لوس أنجلوس ودبي ونيويورك، إلى فيضان الصورالمتاحة اليوم ويقول: “يمكن للمستهلكين.مشاهدة صور ومقاطع فيديو (قبل وبعد التجميل) طوال اليوم، إنهم مغمورون تماماً بالصور، وذلك قد يخلق لديهم اهتماماً صعب الإشباع”.
تأثير الصورة المشوهة للجمال (مظهر الوجه) على جيل الشباب
وما يثير القلق بشكل خاص هو كيفية تأثير الصورة المشوهة للجمال على جيل الشباب. وحول ذلك يوضح الدكتور فيو أن الحصول على كمية وفيرة من الحشو بالمواد المالئة في سن مبكرة بينما.لا يزال الهيكل العظمي يتطور قد يؤثر سلباً في تشريح الوجه، مضيفاً: “نحن لا نعرف العواقب بعد”.
وتجد الممرضة جينيفر هولاندر من مركز أورا سبا هيلينغ في بيفرلي هيلز أن الأمر.مزعج أيضاً، واصفة ما ينجم عن الجمع بين فلاتر وسائل التواصل الاجتماعي والحقن بالمواد المالئة بالعادة الإدمانية السامة. وتضيف: “إنها حقيقة مشوهة تماماً ومحض سراب … بمجرد التفكير، أخاف مما ستكون عليه أشكال هؤلاء الشباب الذين يخضعون أنفسهم لهذه الإجراءات بعد مضي 15 عاماً من الآن.”
بالمقابل، تفضل هولاندر أن يركز الشباب على الوقاية، موصية باتباع أسلوب حياة صحي.والمواظبة على وضع الكريم الواقي من الشمس يومياً إضافة إلى استعمال كريمات العناية.بالبشرة، والحصول على تغذية جيدة بما يسهم في تأخر علامات التقدم في السن لدى بلوغهم العقد القادم من أعمارهم.
وتلقي الدكتورة دوريراج اللوم على ما وصفته بـ”انحراف الإدراك” لكون أدمغتنا مرنة وتتكيف بسرعة مع الصور الجديدة. “بعد حقن الوجه، ينسى الدماغ المظهر السابق ويتحول حكمنا.بشكل كبير نحو كيفية تعريفنا للجاذبية” توضح الطبيبة، مضيفة: “كلما زاد تعرضنا للتلاعب المفرط في ملامح الوجه، أصبح من الأسهل اعتبارها جذابة على ما هي عليه الآن”.
النسخة المعدلة للموناليزا، وعلى الممثلين توخي الحذر
وتشير دوريراج إلى تحفة ليوناردو دافنشي قائلة: “يُنظر إلى الموناليزا على أنها جميلة، لكن اعرض على الناس.نسخة معدلة ذات شفاه مكبرة بنسبة 20 في المئة، ومن المرجح أنهم سيحبون النسخة الثانية أكثر.” ومن جانبه يقول جودمان: قد يفضل المرضى الخيار المريح، المتمثل بتعلقهم الشديد بمظهرهم الذي اكتسبوه، ولا سيما بعد إنفاقهم الكثير من المال على وجوههم لتصبح على ما هي عليه.
تؤكد مديرة توزيع الأدوار في مسلسل “أسياد الجنس” ريزا برامون غارسيا أنه على الممثلين.بشكل خاص توخي الحذر، مضيفة: “نعيش في مرحلة من الزمن حيث يطلب مني المنتجون.والمخرجون التحقق من مدى فاعلية عمل الوجه قبل انعقاد الاجتماع مع الممثلين المختارين”. وتنصح الممثلين بالاعتزاز بتفردهم، موضحة “احصل على الملكية الحصرية لما تبدو عليه بدلاً من.التشابه مع بعض الصور المشوهة التي يمليها عليك المجتمع”. وتشيرغارسيا إلى أهمية حفاظ الممثل على هيئته، مؤكدة “ستحظى بفرصة أفضل في لفت الأنظار إليك، وبمستقبل مستمر في مهنة التمثيل على المدى البعيد.”
وفي هذا الصدد يرى الدكتور هاريس أنه بات من الضروري التحدث علانية وتحمل المسؤولية من قبل الجميع، معتبراً أن اختصاصيي الجمال يعيشون في خضم حرب ضد المرضى المغربين شكلياً.
وعلى الرغم من ذلك، يستطيع الدكتور هاريس رؤية جانب مشرق من كل ما يجري في صناعة التجميل معرباً عن تفاؤله بالقول: “لحسن الحظ، بدأت شركات مستحضرات التجميل وممارسو هذه الصناعة بالاستيقاظ على حقيقة ما يحدث، بينما نعمل في الوقت نفسه على تعميق معرفتنا بالتشريح واستخدام تقنيات الحقن الأكثر أماناً”.
الوجوه المشوهة مفيدة للصناعة التجميلية: “هذا التغريب الشكلي ليس إلا مثالاً حياً وصارخاً لما علينا أن نتجنب،” وفقاً للدكتور فيو.