القرارات الصعبة التي لن تندم على اتخاذها بعد اليوم إذا اتبعت الأساليب الستة العلمية لتقييمها.

لن تندم على اتخاذ قراراتك الصعبة بعد اليوم… إليك الأساليب الستة المدعومة بالعِلم.

يتّخذ الانسان الراشد النموذجيّ نحو 35.000 قراراً بشكل يومي. فإذا قمت ببعض العمليات الحسابية، واقتطعت حصّة النوم البالغة سبع ساعات، ستجد أنه يتّخذ قرابة ألفَيّ قرار كل ساعة، أو اختيارًا واحدًا في كل ثانيتين.

بالنظر لتلك القرارات، ستجد أنّ معظمها اختيارات صغيرة في الواقع، كالنقر على رابطٍ، أو ارتشاف القهوة، لكن بعض هذه الخيارات تبدو مصيريّة.

وكما في لعبة شدّ الحبل ينشأ لديك صراع داخلي يشير إلى أنّ هنالك أمراً  كبيرًا على المحك،.إذ تشعر بأنّ هذا الأمر أو الخيار من شأنه أن يؤثر بشكل بارز في سعادتك، وحريتك، وكبريائك، أو إنجازك الشخصي.

وإن كنت تدير عملًا، فسيكون هناك المزيد من القرارات الواجب اتخاذها، والكثير منها حاسم ويؤثر في صحة شركتك.

وإليك الخبر السار:

إنّ العلم يكشف باستمرار عن أساليب جديدة ومستحدثة ستساعدك في اتخاذ القرارات الصعبة بشكل أفضل.

فكما كتبت ليا هاينرك لصحيفة نيويورك تايمز: «على مدى.العقود القليلة الماضية، وفّر لنا مجال بحثّي مُتنامٍ ومتعدد التخصصات، -يُغطي مجالات متنوّعة كالعلوم المعرفيّة، ونظرية الإدارة،.والدراسات الأدبية-، مجموعة من الأدوات التي يمكن استخدامها لاتخاذ خيارات أفضل».

لكن لسوء الحظ، لايمكن لأيّ من تلك الأدوات – التي تساعد في حل المشاكلات – اتخاذ أي قرار نيابةً عنك!

تُضيف هاينرك: «إنّ هذه الأدوات.من شأنها أن تحثّك، تحرّك كيانك، وتدفعك للتفكير، إذ تهدف لمساعدتك على رؤية الوضع الحالي من منظور جديد، لتتخيّل احتمالات جديدة، وتقوم بموازنة خياراتك بحنكة. بالطبع ما من خوارزميّة مضمونة للخيارات الصعبة للحياة؛ لكن الأبحاث تُظهر أنك قادر على إجادة اتخاذها».

إليكَ الأساليب الستة لتقييم القرارات والتي أعتمدُ عليها عندما يؤرّقني أمر اتخاذ قرار حاسم:

أسلوب تقييم القرارات الأول: ضع قائمةً بالإيجابيات والسلبيات مبنية على أساس مدى أهمية كل منها

تخيّل أنك تخطط للانتقال للعيش في مدينة أخرى؟ أحضر ورقة ودوّن عليها قائمة بإيجابيات وسلبيات خطة انتقالك.

والآن دعنا ننظر إلى النقلة النوعية التي أضافها العلم من خلال وضع أساليب التقييم هذه. قم بتقييم كل خطوة في قائمتك حسب نظرتك الشخصية وضع لكل خطوة درجة التقييم المناسبة بمقياس من  0 إلى 1.

فعلى سبيل المثال، إذا كنت تعتبر قربك من عائلتك أمراً إيجابياً وكان هذا الخيار على رأس قائمتك، فربما يجب إعطاء هذا الخيار قيمة عليا بين 0,9 و 0,95.

اقرأ أيضاً : تأجيل المشاريع الكبرى، هل ينتظر أصحاب الأفكار المبدعة اللّحظة المناسبة؟

ولنفترض أنّ «قربك من الجبال» أمر إيجابي آخر، ولكن اهتمامك وشغفك بالثقافة لا يقارن بحبك لتسلق الجبال الشاهقة؛ إذاً يجب إعطاء هذا الخيار قيمة دنيا بين  0,3 أو 0,2.

والآن عليك تطبيق الأسلوب ذاته لتقييم الجوانب السلبية لخيارك. فعلى سببل المثال، قد تختار قيمة عليا كـ 0,8 لخيار تركك الوظيفة التي تُحب، فيما إذا كان هذا العمل يُعد جزءًا أساسيًا من حياتك.

اجمع الآن قيم النتائج الإيجابية والسلبية بشكل منفصل، واضرب النتائج بِـ مئة، ثم قارن النتائج الإيجابية بالسلبية لتعرف أيّ الجانبين هو الغالِب.

يمكنك أيضًا إنشاءُ قائمة منفصلة لإيجابيات وسلبيات بقائك حيث أنت دون الانتقال للعيش في مدينة أخرى. وفي النهاية قارن مجاميع نتائجك النهائية لتصل بذلك إلى التقييم النهائي الذي تعكسه محصلة هذه النتائج.

إنّ التعامل مع الأرقام المنطقيّة في كثير من الأحيان – والتي نستطيع قياسها في الواقع من خلال العواطف – من شأنه أن يلقي الضوء على مشاعر اللاوعي لدينا والتي تتحكم بقراراتنا.

إذا انتابك شعور بأنّ نتائجك النهائية لا تصب في الاتجاه الصحيح بعد مراجعة أرقامك، فلا تتوانَ عن التمحّص ملياً في تلك النتائج.

يمكنك أيضًا استخدام هذا الأسلوب لاتخاذ قرارات أقل مصيرية أو خصوصية، وكمثال على ذلك، ما هو المشروع االذي أرغب بتنفيذه في المرحلة القادمة؟ أو ما هي المشكلة التي أرغب بمعالجتها لاحقاً؟

أسلوب تقييم القرارات الثاني: افترض الاحتمالات الكارثية، وادرس جميع السيناريوهات المستقبلية

فكر في جميع سيناريوهات المستقبل المحتملة فذلك سيساعدك على اتخاذ القرارات الصعبة، وادرس أفضل السيناريوهات وأسوءها، تلك هي الوسيلة الشائعة حقاً. ما هو أفضل سيناريو يمكنك تخيّله؟ وما هو الأسوأ؟ وكيف ستشعر إذا أصبح هذا السيناريو الكارثي حقيقةً؟

درس عالم النفس غاري كلين تحوّلًا أطلق عليه اسم «أسلوب العمل العكسي أو premortem»، ولتوسيع هذا المفهوم، يشرح كلين في قصة نشرتها مجلة هارفارد بزنس ريفيو؛ الفرق بين أسلوب العمل العكسي، والأسلوب المتّبع في العمل.

 يقول كلين: «يسمح أسلوب العمل المُتّبع في المجتمع الطبيّ postmortem  للاختصاصيين وعائلة مريض قد توفّى.بمعرفة سبب الوفاة –عبر تشريحه-؛ كل شيء قد انتهى، الكل.مُستفيد هنا، باستثناء المتوفّى.بطبيعة الحال، أما في بيئة العمل، فإنّ تقييم الحالة بأسلوب العمل العكسي، تأتي في بداية المشروع لا في نهايته، وافتراض.أنّ المشروع قد فشل؛ بحيث يصبح بالإمكان تحسين المشروع دون تركه ينهار ».

اقرأ أيضاً : ما هي العلاقة بين الذاكرة والانتباه واتخاذ القرار؟ وما الذي يحدث في أدمغتنا؟

تخيّل لو كان قرارك خاطئاً؛ لو أنّ المشروع الذي اخترت قد فشل وانهار بطريقة كارثيّة. اتّبع أسلوب العمل العكسي، والذي يفرض عليك البحث في الأسباب المحتملة التي.أدّت لهذا الفشل، ما إن تُعالج هذا السيناريو الأسوأ، ستتمكّن.من اتخاذ الخطوات المناسبة لتجنّبه قبل حدوثه، واتخاذ قرار أفضل في المقام الأول.

في الواقع، تُظهر الأبحاث أنّ أسلوب العمل العكسي، والذي يُطلق عليه أيضاً اسم.*الإدراك المتأخِر المتوقّع أو الرؤية المستقبلية المتوقعة*، من شأنه أن يزيد من قدرتنا على تحديد الأسباب التي.أدّت لهذه النتائج المستقبلية بنسبة 30 بالمئة. وأيضًا على الجانب الآخر، حاول أن تتخيّل السيناريو الملحميّ المستقبلي الأفضل، وقِس ما تشعر به، فإن لم تكن سعيداً أو متحمّساً للنتيجة؛ فالجدير بك التفكير بأسباب ذلك.

يتعامل فريق أمازون مع أصعب القرارات مقدّمًا من خلال العمل بشكل عكسيّ، ويوضح اقتراح قيمة المنتج. وحسب الصحفية جيلان دي أونفرو: «إن لم يتمكّن الفريق من إعداد مسودة بيان صحفي مقنعة؛ فقد لا يستحق المنتج عناء صنعه على الأرجح».

أسلوب تقييم القرارات الثالث: تجنّب نمط الخيارين – إما الأبيض أو الأسود

كثيرًا ما نجد أنفسنا عالقين في الاختيار بين هذا وذاك، مثلًا، هل يجب أن أعود للدراسة أم البدء في عمل ما؟ هل أنتقل إلى سان فرانسيسكو أم أبقى مقيمًا في هيوستن؟

من السهل أن ترى العالم بالأبيض والأسود، لكن عادة ما يكون هناك خيار في الوسط وهو الرمادي، والذي يتكوّن من عدّة تدرّجات وظلال بحد ذاته.

ربما كان بوسعك قضاء فترة الصيف في سان فرانسيسكو -ما دمتَ قادرًا على احتضان ضبابها “كارل”-، وبعدها أن تقضي الشتاء في هيوستن. أو يمكنك العيش في هيوستن لسنين عدة، ثم الانتقال لمنطقة خليج سان فرانسيسكو لاحقًا.

في بعض الأحيان، قد لا يكون الخيار السليم واحدًا من خيارين مختلفين. بل يكون حلًا أكثر إبداعًا، ودقةً، ومرونة.

أسلوب تقييم القرارات الرابع: تشاور مع الآخرين

إنّ مشاركة معضلتك مع الآخرين، يمكن أن تبرر اختيارك أو تعززه، لكن ما هو أهم من ذلك، أنها طريقة قيّمة لجمع معلومات قيّمة.

 إن لم يكن بوسعك اتخاذ قرار بشأن الانتقال مثلاً، فلا تستطلع آراء الأصدقاء والعائلة –كونهم جزءاً من وسطك المحيط-؛ تحدّث إلى شخص قام بهذه الخطوة نفسها، اسأله عن شعوره حيال هذا القرار.

 أما فيما يخص القرارات المهنيّة أو التجاريّة، فحاول تعيين مستشار، ابحث عن أشخاص متعمّقين ومتخصصين في هذا المجال، تعلّم منهم قدر المُستطاع.

إنّ المعلومات الإضافية التي تجمعها، ستساعدك حتماً على اتخاذ خيارات أفضل في المستقبل.

أسلوب تقييم القرارات الخامس: أعطِ نفسك الوقت الكافي

ما زلت أذكر ذلك اليوم الذي تركت فيه عملي؛ عندما صعدت السلّم المؤدّي لمكتب المدير، كنت أشعر بخفقان قلبي داخل صدري، كانت ساقاي ترتجفان وفمي جافاً.

نعم، كنت أعلم أنه الخيار الأنسب، لكن ذهني كان سبّاقًا بإطلاق الأسئلة: «هل أخطأت القرار؟ هل يجب ألّا أكمل الخُطا وأستدير؟ ربما يجب أن أبقى سنة أخرى». لكنني وصلت مكتبه وبدأت المحادثة التي كنت أتحسب لها.

كنت أفكر في هذه القفزة لسنتين.على الأقل، كانت منتجاتي الثانوية side products كفيلة بدفع فواتيري بسهولة، مكنني منح الوقت لنفسي، من اتخاذ أفضل القرارات في حياتي.

اقرأ أيضاً : 10 نصائح لتطوير الذات: كيف تنمي نفسك وتصبح شخصاً أفضل؟

أسلوب تقييم القرارات السادس: تجنّب القرارات الخفيّة

كانت الأمم الأولى في أمريكا الشمالية تصطاد.جاموس السهول لما يُقارب 6000 عام، وذلك عبر مطاردتها فوق المنحدرات واصطيادها في الأسفل.

أتاحت هذه الطريقة للعشائر جمع وتخزين كميات كبيرة من اللحوم، والجلود، والدهون خلال فصل الشتاء الطويل.كنت أتساءل دوماً، لماذا يذهب العديد من الجواميس عبر الجرف؟ عادة ما يلاحقها الصيادون على ظهور الخيل، لكنه في الوقت نفسه مثال على سلوك القطيع، كل الحيوانات تتبع المجموعة فقط، جاعلة الدفق يأخذهم حيث يريد.

تمثّل قفزات الجاموس استعارة جيدة للقرارات الخفيّة، أو عدم اتخاذ قرار بحد ذاته، والتي يمر بها جميعنا بين الحين والآخر.

في الوقت الذي تؤجل خيارًا مهماً، أو تؤخره؛ فأنت لا تزال تتخذ قراراً، ونادرًا ما يكون القرار جيّدًا.

 مثلًا، قد تحتاج يومًا لقطع علاقة مع موظف ما، لكنك تأجله لتجنّب مواجهة محتملة. فإن كان الموظف سلبياً، وبغيضًا، أو غير مناسب لقواعدهم، فإن خيار الانتظار والتأجيل من شأنه أن.يُسمم بيئة عمل الفريق كاملة. عدم اتخاذ قرار كهذا هو اختيار له عواقب حقيقية.

قد تكون الخيارات الخمسة وثلاثين ألفاً مروعة، لكن العمل السريع.يُعد عدوًا للإرهاق الملازم للقرار،.تمتّع بالاختيار بسرعة كلّما أمكنك ذلك، وتغلّب على خياراتك بشكل مباشر، واستخدم العديد من الطرق التي تحتاجها لاختيار الحل الأمثل.

فقط لا تتبع القطيع، اختر ما يناسبك، ثم تمسّك بقراراتك.

الملاحظة الأخيرة:

ما إن تشعر بالإرهاق من جميع القرارات، عند إطلاقك منتجاً أو بدئكَ نشاطاً تجاريّاً، فاعلم أنّ الأمر أصبح أسهلاً، بمجرد أن تصبح شركتك مستقرةً، ستتمكن من اتخاذ العديد من القرارت التأسيسية الكبرى، وستصل لحالة من التوازن، وبعدها يأتي وقت للتركيز على القيود والعقبات ومن ثم المجالات التي يمكنك اتخاذ القرارات الأهم والأكثر تأثيراً فيها، ثم استثمر هذه القرارات لتنمية عملك أو تحسينه.‏

وتذكر أن عملية صنع القرار تصبح أسهل مع الممارسة، وأنّ الخيار الجديد ‏‏يبعد عنك ثانية واحدة فقط.‏


اطلع على مواضيع الهامة المتعلقة بتطوير الذات

المصدر
your tango

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى