لماذا نحتاج إلى النوم؟ وهل يمكن للتلاعب بالقشرة الدماغية أن يصبح وسيلة لتحفيز النوم؟
- هل للقشرة الدماغية دور في جعلنا نشعر بالتعب؟
- كيف ترتبط القشرة الدماغية بالحاجة إلى النوم؟
- ما هي الساعة البيولوجية؟وما هي الساعة الرملية؟
- هل تتعطل الخلايا الدماغية، ومتى؟
لماذا نحتاج إلى النوم؟
إليك البحث الذي يكشف عن سبب التطور التدريجي للنوم
لا أحد يستطيع البقاء مستيقظاً إلى الأبد، وحاجتنا إلى النوم تزداد تدريجياً بينما نحن مستيقظون.
إذا منعنا أنفسنا من النوم فإنّ وظائف الدماغ – كالانتباه والمحاكمة – تصبح مضطربة وضعيفة كما أنّ النوم يصبح مغرياً ولا يُقاوَم. وأينما كنا على الأريكة أو منهكين في العمل، فإنّ تجاهلنا لحاجتنا إلى النوم سيؤدي بنا إلى الانهيار في نهاية الأمر.
على الرغم من أنّ النوم أمر حيوي، إلا أننا حتى الآن لا نعلم أي بنية في الدماغ هي المسؤولة عن إخبارنا بأننا متعبون. لكن دراساتنا الأخيرة على الفئران المخبرية أظهرت أن القشرة الدماغية مسؤولة عن أكثر وظائف الدماغ تعقيداً -بما فيها الإدراك، اللغة، الفكر والذاكرة المؤقتة – والتي تساعدنا على تتبع حاجتنا للنوم.
منظما الساعة اليومية والساعة الرملية
يستخدم دماغنا أداتين لضمان حصولنا على قدر كافٍ من النوم هما الساعة اليومية والساعة الرملية. ساعتنا البيولوجية (اليومية) تساعدنا في المحافظة على إيقاع يحدث على مدار 24 ساعة وهي خاضعة للنواة الفوق تصالبية (suprachiasmatic nucleus) أو نواة التأقلم و هي منطقة صغيرة وعميقة في الدماغ تقوم بتنظيم إيقاع عمل الأعضاء المختلفة وتساعدنا على النوم ليلاً والاستيقاظ في الصباح.
أما ساعتنا البيولوجية (الحيوية) فهي مجرد مرشد لنا و ليست ضابطاً أو منظماً رئيساً للنوم، لأنّ الدماغ يستخدم ساعة رملية.لتتبُّع كمية النوم المتراكم الذي نحصل عليه، وهذه الساعة الرملية تتفرغ ببطء في.حالة يقظتنا وتمتلئ ونحن نائمين، وبسبب آلية الملء والتفريغ هذه نسطيع أن نبقى مستيقظين لمدة أطول عند حاجتنا لذلك على أن نعوض نقص نومنا لاحقاً بأخذ قيلولة أو بالنوم لمدة أطول في الليلة التالية.
اقرأ أيضاً : دراسة طبية: أنماط النوم ترفع خطر الإصابة بسكتة دماغية بنسبة 85 في المئة
بالرغم من أننا نملك تصوراً جيداً لموقع الساعة البيولوجية في أدمغتنا، ما زال موقع الساعة الرملية موضعاً للنقاش. منذ حوالي مئة عام اعتقد طبيب الأعصاب النمساوي.كونستاين فون إيكونومو أنّ منطقة ما تحت المهاد الأمامي والمنطقة التي تربط جذع الدماغ.مع القسم الأمامي من الدماغ – المنطقة التي يبدأ فيها التحكم.بحركات العين (ساحات العين الجبهية) – هي المسؤولة عن حالتي النوم واليقظة.
منذ ذلك الوقت تم التعرف على العديد من المراكز الدماغية المسؤولة عن تبديل حالة الدماغ من النوم إلى اليقظة أو.العكس، لكن حتى الآن لم يتم العثور على المركز المسؤول عن ضبط الوقت في الدماغ.
بعض الباحثين اقترحوا أن الدماغ لا يقيس الوقت الذي نقضيه في حالة اليقظة، لا بل أنه يتعقب مدى صعوبة.عمله أثناء يقظتنا ، ويضبط مقدار النوم الذي نحتاجه بما يتناسب مع صعوبة عمله هذه.
الإغلاق المؤقت لمناطق في الدماغ (النوم المحلي)
دعمت الأبحاث هذه النظرية ووجَدت أنّ مناطق فردية من القشرة الدماغية تستطيع التوقف.لفترة قصيرة عن العمل عند إجهادها، حتى لو كانت بقية أجزاء الدماغ لا تزال متيقظة. اصطُلح على هذا الإغلاق المؤقت للمناطق المفردة في.الدماغ بالنوم المحلي ويُعتَقد أنّ آلية الإغلاق هذه تسمح لخلايا الدماغ الأخرى باستعادة عافيتها. وبالرغم من أنّ الإنسان قد لا يستطيع ملاحظة ذلك إلا أنّ الإغلاق المحلي يستطيع التأثير بشكل كبير على أدائنا ” كقيادة سيارة مثلاً”.
إنّ دماغنا يصبح غير فعال إلى حدٍّ كبير إذا كانت أجزاء فردية من القشرة الدماغية.تدخل في النوم المحلي بشكل متكرر كلما شعرت بالحاجة إلى ذلك، لذا فإنّ هنالك اعتقاداً بأنّ القشرة الدماغية.لا تولّد النوم المحلي فقط بل إنها تقوم بتفعيل مراكز النوم الرئيسة أيضاً.
اقرأ أيضا: التراجع المعرفي والنوم – أبحاث تكشف علاقة الخرف بالنوم
كيف ترتبط القشرة الدماغية بالحاجة إلى النوم؟
لاختبار ما إذا كانت القشرة الدماغية هي فعلاً المسؤولة عن متابعة حاجتنا إلى النوم وتعويضها إن لزم،.قمنا بتعطيل مجموعة خلايا في القشرة الدماغية للفئران. هذا التعطيل مَنع القشرة الدماغية.للفئران من إرسال الإشارات إلى الخلايا العصبية الأخرى.
لوحظ أنّ الفئران التي أجريت عليها التجارب بقيت مستيقظة لمدة ثلاث ساعات إضافية يومياً مقارنة بالفئران.التي لم تنزع قشرتها الدماغية، ولم تعوض ساعات النوم بالشكل الصحيح عندما تخطت موعد نومها المعتاد، وذلك يدل على أنّ الساعة الرملية لدى فئران التجارب كانت تتقدم بشكل بطيء بينما لم تتغير الساعة البيولوجية (الحيوية) لديها.
بالتالي حتى عندما تم نقل الفئران التي نزعت قشرتها الدماغية إلى الظلام الدامس لأيام عدة، حافظت هذه الفئران على إيقاع نومها واستيقاظها وبسلوك مماثل للفئران التي لم تُزل قشرتها الدماغية.
وبالرغم من أننا أوضحنا أنّ القشرة الدماغية تلعب دوراً مهماً في تنظيم النوم، إلا أننا لا نزال نجهل لمّ هذه المنطقة تحديداً من الدماغ هي المسؤولة عن تنظيم حاجاتنا للنوم.
اقرأ أيضاً : النوم المجدد للصحة ..7 قواعد أساسية لنوم يجدد عافيتك
إنّ القشرة الدماغية هي واحدة من أكثر مناطق الدماغ تعقيداً وهي تستطيع بشكل دائم ضبط اتصالاته الهيكلية لتخزين الذكريات الجديدة والتخلص من تلك القديمة وهي تستهلك طاقة هائلة لمعالجة المعلومات.
في حين إننا نجد من حيث المبدأ أنّ أي خلية عصبية يمكن أن تمتلك آلية تسمح لها بالتوقف عن العمل قبل أن تتخرب بسبب الاستعمال المفرط، إلا أنّ القشرة الدماغية يمكن أن تكون المنطقة الأكثر حاجة للنوم والأولى التي تنبهنا – عندما نكون متعبين – إلى مقدار حاجتنا إلى النوم.
إذا كان للقشرة الدماغية دور كبير في جعلنا نشعر بالتعب، فهل من الممكن بطريقة ما التلاعب بها وتغيير حاجتنا للنوم؟
في السنوات الأخيرة تم تطوير العديد من التقنيات من أجل تحفيز الدماغ من الخارج باستخدام وسادات القطب الكهربائي الموضوعة على الرأس أو عن طريق لفائف مغناطيسية توضع على الجمجمة.
إن كلتا الطريقتين هاتين تولد تيارات كهربائية تعدّل الإشارات الكهربائية التي تستخدمها الخلايا العصبية للتواصل مع بعضها، ومن ثم فإن هذا يسمح للباحثين بتعديل نشاط الدماغ في أجزاء محددة منه -كالقشرة الدماغية مثلاً.
في الواقع واحدة على الأقل من هذه التقنيات يبدو أنها تجعل الدماغ مستيقظاً أكثر وبشكل مؤقت ما يقلّل كمية النوم خمساً وعشرين دقيقة في الليلة التالية، لذا يبدو من الممكن -في المستقبل القريب – أن تصبح القشرة الدماغية هدفاً لأبحاث مماثلة للتلاعب بحاجتنا إلى النوم.
اقرأ أيضاً : الاستيقاظ عند الثالثة صباحا..
وبافتراض أنّ الباحثين تمكنوا من إيجاد هذه الطرق فإنّ هذا لا يعني بالضرورة أنك تستطيع النوم.أقل وتنجز الكثير في الوقت ذاته – أو الأكثر – مقارنة بما تنجزه الآن.
إنّ قمع النوم قد يبدو خطيراً لأنّ النوم يخدم العديد من الوظائف الأساسية الضرورية في.الدماغ والجسد، والتي لا يزال فهمها محدوداً كمعالجة الذاكرة والتأكد من عمل نظام المناعة و آلية الاستقلاب بشكل صحيح.
لكن لدى الغالبية العظمى منا والتي تعاني من صعوبة الوصول لمرحلة الشعور بالتعب والوقوع في النوم بشكل إرادي، فإن التلاعب بالقشرة الدماغية يمكن أن يصبح وسيلة لتحفيز النوم.
بقلم: لوكاس بي كرون وفلاديسلاف فيازوفسكي وزولتان مولنار في جامعة أكسفورد.
اطلع إيضاً على أهم المواضيع المتعلقة بالأبحاث العلمية