علاقة دودة الأذن بالنوم : هل للاستماع إلى الموسيقى قبل النوم تأثير على استيقاظك أثناء الليل؟

بحث علمي يسلط الضوء على ظاهرة تكرار الأغاني والألحان في أذهاننا

علاقة دودة الأذن بالنوم: ما هو تأثير هذه الظاهرة اللاإرادية على الشباب؟

هل سبق أن توارد لحن ما أو أغنية إلى ذهنك بشكل مفاجئ؟ لربما تعرضت لهذه الظاهرة مرة حين استيقاظك، أو أثناء قرائتك لكتاب، أو ممارستك لرياضة ما.

تعريف دودة الأذن: يطلق على ظاهرة توارد وتكرار لحن أو أغنية ما بشكل مستمر في ذهن المرء اسم دودة الأذن.

تعرف أيضا ظاهرة دودة الأذن بمتلازمة الأغنية العالقة وهي عبارة عن صورة موسيقية لا إرادية،.يتعرض لها الكثير من الأشخاص وبخاصة الذين يعملون في مجال التأليف الموسيقي ومن يحتك بصناعة الموسيقى والراديو.

فما علاقة دودة الأذن بالنوم؟

كشف البحث المنشور في مجلة علم النفس (Psychological Science) والذي نشر على موقع psypost أن الاستماع للموسيقى قبل النوم يؤثر بشكل أكيد على النوم. لا بل أن نوع الموسيقى وتكرار سماعها يرتبط بشكل كبير بظهور ديدان الأذن الليلية وكفاءة النوم.

وبشكل مبسط، إن الاستماع إلى الموسيقى قبل النوم يدفع بالدماغ لمعالجة هذا اللحن أثناء النوم،.حيث كشفت الدراسة عن أن بعض الأشخاص المشاركين بالتجارب والذين استمعوا إلى ألحان أو موسيقى مألوفة لديهم قبل النوم،.استيقظوا أثناء الليل ليرددوا ذلك اللحن العالق في أذهانهم.

الشباب والاستماع لموسيقى الإيقاع السريع وعلاقتها بدودة الأذن

لاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين يستمعون للألحان والأغاني ذات الإيقاع السريع fast tempo وبعض أنماط الموسيقى الخاصة الأخرى، هم أكثر عرضة لاحتمال ظهور دودة الأذن. ويكتسب هذا الأمر أهميته لشيوعه مؤخرا،.حيث انتشرت ظاهرة الاستماع للموسيقى قبل النوم لاعتقاد البعض بأنها تساعد في الوصول لحالة استرخاء الذهن والنوم العميق

لذا حرص الباحثون على تقصي ما إذا كان الاستماع للموسيقى عند النوم يحفز ظهور دودة الأذن، ومدى تأثير ذلك على جودة النوم.

“لم يرد إلى ذهني أبدا موضوع دودة الأذن إلى أن قمت بتدريس دورة الإدراك،.واطلعت على المجال الفرعي المتخصص في البحث عن أسباب توارد وتكرار الأغاني التي تعلق في أذهاننا.”

(مايكل ك. سكولين) الأستاذ المشارك في جامعة بايلور والباحث الرئيسي في مختبر النوم وعلم الأعصاب والإدراك Sleep Neuroscience and Cognition Lab.

وأضاف سكولين : “كعالم متخصص في مجال النوم، اعتراني الفضول لمعرفة ما إذا كانت دودة الأذن تؤثر على النوم أم لا. اعتقد البعض منا أنها ستؤثر بشكل سلبي على النوم لأن دودة الأذن تزعج البعض أحيانا. وظن البعض الآخر في المختبر أنها قد تساعد على النوم لكونها تشتت الانتباه عن الأفكار العميقة. لقد كانت سلسلة الدراسات هذه ممتعة للغاية لأنها كانت بمثابة اختبار لوجهات النظر المتضاربة تلك.

نتائج الدراسات وضحت علاقة دودة الأذن بالنوم

الدراسة الأولى : 33% من المشاركين تعرضوا لظاهرة دودة الأذن وانخفضت جودة النوم لديهم

في الدراسة الأولى والتي شملت 199 شخصا أمريكي، أفاد 33% من المشاركين أنهم تعرضوا لظاهرة دودة الأذن، إما أثناء محاولتهم النوم أو عند استيقاظهم في الليل، أو عند الصباح.

ولقد أفاد المشاركون الذين استمعوا بشكل متكرر إلى الموسيقى،.أنهم تعرضوا لظاهرة دودة الأذن باستمرار وارتبط ذلك بانخفاض جودة النوم لديهم. وتعتبر هذه النتائج مثيرة للاهتمام لأنها تدل على أنه كلما ازداد الاستماع إلى الموسيقى عند النوم،.كلما انخفضت نوعية النوم لتصبح أكثر سوءا.

لوحظ أن المشاركين الذين تعرضوا لدودة الأذن المرتبطة بالنوم، احرزوا نسبة نوم أقل بمقدار 54% بحسب مقياس بيتسبيرغ لجودة النوم.

الدراسة الثانية : تخطيط النوم ومقارنة نتائج الاستماع إلى الأغاني بالاستماع إلى الألحان

أجرى سكولين وفريق بحثه بعد ذلك تجربتهم الثانية في المختبر على مجموعة تألفت من 48 شخصا من الشباب، وتم إخضاع المشاركين لاختبار النوم المتعدد والمعروف بـ تخطيط النوم، حيث تم تسجيل التغيرات الفيزيائية والحيوية لدى المشاركين أثناء نومهم. علما أنه تم التوزيع العشوائي للمقطوعات الموسيقية اللحنية أو الغنائية لثلاث من أغاني البوب الشعبية المعروفة على المشاركين للاستماع إليها قبل نصف ساعة من نومهم.

وفي صباح اليوم التالي،.تم سؤال المشاركين بعد عشر دقائق من استيقاظهم عن تعرضهم لظاهرة دودة الأذن أثناء خلودهم للنوم أو استيقاظهم في الليل،.أو في الصباح. وبحسب نتائج تخطيط النوم، فإن المشاركين الذين استمعوا إلى الموسيقى اللحنية واجهوا صعوبات في النوم أكثر من أقرانهم الذين استمعوا إلى الموسيقى الغنائية، وتمثل ذلك في حصولهم على كفاءة نوم ضعيفة وصعوبة أكثر في الخلود إلى النوم.

ويعاني أيضا الناس الذين يتعرضون لدودة الأذن قبل النوم من نوم سيء يتمثل في كفاءة نوم أقل وصعوبة في الخلود إلى النوم لا بل أنهم يستيقظون أكثر أثناء الليل وتتحول نوعية النوم لديهم من نوم عميق إلى نوم خفيف.

ويجدر بالذكر هنا، أن هذه التأثيرات والتحولات تنطبق فقط على الأشخاص الذين يعانون من دودة الأذن قبل الخلود إلى النوم،.ولا تنطبق على الأشخاص الذين يتعرضون لدودة الأذن بعد حوالي عشر دقائق من استيقاظهم.

وعلى غرار الدراسة الأولى، أفاد ربع المشاركين أنهم استيقظوا من النوم وهم يعانون من دودة الأذن،.وهي نتيجة وجد الباحثون أنها لافتة للنظر لأن المشاركين انقطعوا عن الاستماع إلى الموسيقى لحوالي 8 ساعات،.كما أن البيئة المحيطة بهم خلت من أي مؤثرات تحفيز للصورة الموسيقية اللا إرادية.

كلما استمعت أكثر للموسيقى انخفضت جودة النوم لديك

وقال سكولين لموقع أخبار علم النفس وعلم الأعصاب PsyPost : “لقد أجرينا دراستين، واحدة استندت إلى الاستقصاء، والأخرى تمت من خلال إحضار الناس إلى مختبر النوم وتحفيز دودة الأذن لديهم تجريبيا. وأشارت نتائج تجاربنا إلى ذات النتيجة وهي : أنه كلما استمعت أكثر إلى الموسيقى،.زادت القابلية لديك للتعرض لدودة الأذن في الليل، مما يؤدي إلى زيادة احتمال تعرضك لمشاكل النوم.”

اقرأ أيضا : أبحاث تكشف علاقة الخرف بالنوم لفترة أطول من 6.5 ساعة في الليلة

الدراسة الثالثة : بيانات تخطيط كهربية الدماغ وعلاقة دودة الأذن بالنوم

في الدراسة الثالثة والأخيرة، حلل الباحثون بيانات تخطيط كهربية الدماغ (EEG) من دراسة النوم في المختبر ووجدوا أدلة على زيادة التقلبات البطيئة (وهي موجات دلتا المرتبطة بالنوم العميق) النابعة من الفص الجبهي للدماغ لدى النائمين الذين يعانون من ديدان الأذن المرتبطة بالنوم. كما تم الإبلاغ عن هذه التقلبات البطيئة في دراسات تعزيز الذاكرة، مما يشير إلى أن دودة الأذن هي نتيجة ترديد الدماغ التلقائي للألحان أثناء النوم للمساعدة في نقل المعلومات إلى شبكة قشرة الدماغ (قشرة فص الجبهة).

“وجدنا أن 1/4 من المشاركين أبلغوا عن تعرضهم لظاهرة دودة الأذن إما في منتصف الليل أو فور استيقاظهم في الصباح. هذا سحرنا كيف يردد الشخص أغنية عالقة في ذهنه إذا لم يستمع إلى الموسيقى أو لم يتعرض لإشارات من البيئة المحيطة به لساعات عديدة؟”.

مايكل ك. سكولين

وأضاف سكولين : “نعتقد أن هذه النتائج هي مؤشر على عملية تعزيز الذاكرة، حيث يتم استرجاع اللحن الموسيقي أثناء الليل. ومن المثير للاهتمام، أنه تمت ملاحظة زيادة النشاط الدماغي ذاته أثناء النوم ( التقلبات البطيئة للموجات في الفص الجبهي) لدى الأفراد الذين أبلغوا عن ديدان الأذن في الليل. وعلى الرغم من ذلك، لا زلنا لا نملك إجابة واضحة، لماذا يرتبط تعزيز الذاكرة من خلال استرجاع أغنية بالحصول على نوم أضعف كفاءة”.

في المحصلة النهائية، أشارت جميع النتائج إلى أن المعالجة الموسيقية تستمر أثناء النوم، وأن الاستماع إلى الموسيقى المألوفة قبل النوم قد لا يعتبر وسيلة للحصول على نوم جيد.

“هناك العديد من الطرق الشعبية الشائعة لتحسين النوم”، أضاف سكولين. لكن من المهم أن نتذكر أن الحصول على نوم صحي يبدأ بإعطاء الأولوية للنوم. إن اختيار وقت مبكر للنوم، والتمسك به باستمرار، يعتبر من أهم الأمور التي يتوجب على المرء القيام بها ليشعر بالراحة والانتعاش خلال ساعات النهار. لذلك قمنا بتطوير موقع إلكتروني خاص للترويج لعادات النوم الأفضل: SleepIsGood.com

قام بهذه الدراسة كل من : مايكل ك. سكولين، شينلو غاو، وبول فيلمور

صحة | صحة وأسرة

المصدر
Psychological SciencePsyPost

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى