تحسين الذاكرة : ما هي الطريقة الأسهل علميا للتعلم بسرعة والتذكر
إن أخذ قسط من الراحة بين فترات الدراسة له أثر إيجابي على التذكر
هل تحلم بالتمتع بذاكرة قوية طويلة الأمد من خلال النوم وتحسين الذاكرة (استعادة المعلومات)؟ العلم يجيب: ذلك الحلم أصبح واقعا.
إن تحسين الذاكرة أمر ضروري، لكثرة الأشياء التي نحتاج دوما لتذكرها، كخطاب بيع أو عرض تقديمي أو مادة اختبار.
لذلك نجد أنفسنا ندرس ونقرأ ونراجع قراءتنا ونقوم بتحديد المعلومات المهمة ومن ثم نعاود قراءتها مرة أخرى. ونكرس معظم وقتنا سعياً للمعرفة والتذكر. ومع ذلك، تستغرق الدراسة منا وقتاً ومجهوداً كبيرين حتى لو تمكنا من تذكر ما درسناه.
إن شعرت أن ذلك ينطبق عليك، كما هو بالنسبة لي تماماً، فإذا لا بد من نلجأ للعلم الذي تكمن فيه كافة الحلول.
فبحسب دراسة أجريت في عام 2016 في مجال علم النفس، وجد أن الأشخاص الذين يدرسون قبل خلودهم للنوم،.ثم ينامون، ويراجعون سريعاً ما درسوه في صباح اليوم التالي،.لا يقضون وقتا أقصر في الدراسة فقط بل تزداد قدرتهم على التذكر لفترات أطول بنسبة 50%.
فما تفسير ذلك؟ والإجابة تكمن في إن العامل الأهم هو ما يطلق عليه علماء النفس اسم ” تعزيز الذاكرة المعتمد على النوم (sleep-dependent memory consolidation) “: فبمقاربة جميع الأدلة -بدءا من الظرفية phenomenological (طريقة فهمنا للأشياء من خلال اختبارها) وانتهاءاً بالبيولوجية molecular (التي تعتمد على الفحوص المخبرية كفحص الجزيئات أو الجينات)- لم يعد هناك مجالا للشك في أن إعادة معالجة الذاكرة اللاشعورية أثناء النوم هو العنصر الأهم والذي يساعدنا على فهم الطريقة التي تتشكل فيها ذاكرتنا في نهاية المطاف.
وبشكل مبسط بعيدا عن لغة الدراسات العلمية، نخلص إلى أن النوم بعد الدراسة مباشرة لا يساعد أدمغتنا على حفظ ما تعلمناه فحسب، بل أنه يسهل عملية الوصول إلى هذه المعلومات.
والجدير بالذكر أن أخذ قسطا من الراحة بين فترات الدراسة له أثرا إيجابيا على التذكر. إذ أن الغالبية منا يتعلم بالطريقة التقليدية (Blocking) التي تعتمد على التركيز على مادة أو مهمة أو مهارة واحدة خلال جلسة دراسية واحدة.
اقرأ أيضا: ما هي العلاقة بين الذاكرة والانتباه واتخاذ القرار؟ وما الذي يحدث في أدمغتنا؟
التعلم بطريقة تداخل المعلومات يساعد على تعزيز الذاكرة
إن الطريقة التقليدية في الدراسة Blocking (الطريقة التي تعتمد على دراسة موضوع معين بإتقان واستفاضة قبل الانتقال إلى الموضوع التالي) هي الطريقة التي نشأنا وتبرمجنا عليها منذ بداية رحلتنا الدراسية، وذلك لسهولة جدولتها وإدارتها من قبل المدارس أو المؤسسات التعليمية. حيث يطلب من الدارس تعلم مهارة واحدة، ليثبت مستوى معين من الكفاءة فيها، ثم ينتقل بعدها لتعلم مهارة أخرى.
وإذا ما قارنا الطريقة التقليدية في الدراسة (Blocking) بطريقة التداخل Interleaving (الطريقة التي تعتمد على الدراسة بالتداخل بين عدة مفاهيم أو مواضيع)، فإننا نجد أن طريقة التداخل تعتمد على قيام الدارس بتعلم العديد من المفاهيم والمهارات في آن واحد وبصورة متوازية. وبناء على ذلك، خلصت الأبحاث إلى أن طريقة التداخل (Interleaving) هي الطريقة الأكثر فعالية في استعادة المعلومات على المدى الطويل، لأنها تساعد الدارس أو الطالب على الربط بين المفاهيم والموضوعات التي تعلمها بصورة تسهل عليه الوصول إليها عند الحاجة.
إن النوم الجيد بين فترات الدارسة يعزز الفوائد المرجوة من الدراسة بالتداخل ( دراسة عدة مواضيع بالتوازي)
إن النوم بين فترات الدراسة لا يوفر من وقت الدارس بمقدار النصف فحسب،.بل يضمن أيضاً احتفاظه بالمعلومات في ذاكرته بصورة أفضل على المدى الطويل. ومما لا شك به، أن النوم بعد الدراسة هو استراتيجية جيدة، ولكن الاستراتيجية الأفضل للتذكر هي النوم بين جلستين دراسيتين.
بحسب ما كتب الباحثون
ومن هنا أدعوك لتجربة طريقة تداخل المعلومات (Interleaving) في الدراسة لما فيها من فوائد عظيمة على التذكر. فإذا ما افترضنا أنك تريد طرح عرض تقديمي أمام جمهور من الحاضرين،.فيفضل أن تقوم بمراجعة سريعة لمحتوى هذا العرض قبل خلودك للنوم.
ولتثبيت المعلومات بشكل أفضل في ذاكرتك، فلا يتوجب عليك التدرب فقط على القاء العرض، بل اختبار نفسك أيضا. إذ أثبتت الدراسات أن الوسيلة الأسرع والأكفأ في التعلم تكون باختبار الشخص لنفسه.
لنفترض أنك تنوي مناقشة ثلاث موضوعات رئيسية: تقديرات المبيعات، المبادرات الرئيسية، نتائج التحليل التنافسي. فأول شيء تقوم به هو أن تختبر نفسك في هذه الموضوعات بعد أن تدرب نفسك على إلقاء المقدمة. إن اختبارك لنفسك في المعلومات التي درستها يساعد على تثبيتها في ذاكرتك ويسهل عليك استعادتها،.أي أنه يساعدك على تحسين الذاكرة لديك.
لا تيأس أبدا إن أخفقت في اختبارك لنفسك،.لأن تكرار محاولات التذكر يساعد على تهيئة ذاكرتك على استقبال المعلومات من جديد وتثبيتها في ذاكرتك في نهاية الأمر.
بقلم : جيف هيدن
اطلع على المزيد من المواضيع المتعلقة بالصحة والأسرة و الأبحاث